اكتشاف الثروات ومعالجة المشكلات والتحديات التي تواجه البشر تحت الماء؛ هذا هو الهدف الذي تقوم عليه مسابقة دولية تستضيفها مدينة الإسكندرية بمصر على مدى ثلاثة أيام.
أول تحدي تقني إقليمي كبير في مجال الروبوتات والتكنولوجيات البحرية، وفقا لما صرح به لسكاي نيوز عربية الدكتور رامي أحمد فتحي رئيس الإدارة التنفيذية لتخطيط الثورة الصناعية الرابعة بالجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بمصر.
المسؤول الحكومي أوضح أن هذه المسابقة تأتي بعد مرور 10 سنوات كاملة على تنظيم مسابقة MATE ROV بنجاح كبير على مستوى مصر والمنطقة العربية بالتعاون مع مركز العلوم والتكنولوجيات المتطورة للبحار بالولايات المتحدة الأميركية "MATE".
المسابقة انطلقت الخميس وتنتهي السبت وتستضيفها الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري بتنظيم مركز تقنيات الروبوتات البحرية والشركة الدولية للإبداع وريادة الأعمال (GIE) ومقرها دبي بالإمارات العربية المتحدة.
المهندس محمد عبود مدير الشركة الإماراتية وهو مدير المسابقة أيضا قال لسكاي نيوز عربية إن الحدث يقام بالشراكة مع شركة دلتا سكوير بمصر بشراكة استراتيجية مع شركاء دوليين وإقليميين لهم إسهامات كبيرة في هذه المجالات على رأسهم MATE و Robonotion بالولايات المتحدة الأميركية و Ocean Community Challenge بالسويد والبرتغال و NATO Centre for Maritime Research and Experimentation (CMRE) بإيطاليا برعاية من بنك مصر الحكومي ومبادرة رواد النيل والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا.
تقام تحديات النهائيات الإقليمية للروبوتات البحرية ضمن المبادرة القومية لتطوير تكنولوجيا الروبوتات المائية بمشاركة 25 فريقا من مصر والسعودية والهند، تتنافس الفرق في كل مسابقة على المراكز الأولى، والتي ستحصل على جوائز مالية ودعم مشاريعهم المبتكرة.
وأوضح عبود أن تحديات الروبوتات البحرية لتنمية مهارات وخبرات الشباب المصري والعربي في مجال الروبوتات والتكنولوجيات البحرية وتكنولوجيات الذكاء الاصطناعي، وتمكينهم من اكتساب المعارف والخبرات العلمية والعملية والتكنولوجية التي تمكنهم مستقبلا من المساهمة في تطوير هذا المجال وهذه الصناعة في المنطقة العربية، بالإضافة إلى تأسيس شركات صغيرة ومتوسطة ذات خبر وكفاءة عالمية تستطيع بها المنافسة مع مثيلاتها على مستوى العالم.
وقال الدكتور أحمد الشناوي رئيس مركز تقنيات الروبوتات البحرية و عميد المركز المعلوماتية الإقليمي بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، لسكاي نيوز عربية: "إن هذا التحدي هو الأول من نوعة فى منطقة الشرق الأوسط، ومن مميزات هذا التحدى أنه ينقسم إلى عدة تحديات لطلاب الجامعات و المدارس للتنقيب عن الآثار الغارقة بالإسكندرية. و الهدف هو خلق مناخ تنافسي بين الطلاب لاستخدام أحدث التقنيات الممكنة في مجال الذكاء الاصطناعي و تحليل الصور الضوئية و التوصل لحلول علمية للتغلب على تعذر الرؤية تحت الماء. و إن مركز تقنيات الروبوتات البحرية متخصص فى تطوير البحث العلمي لخدمة أبحاث الروبوتات البحرية الصناعية والبحثية."
وأضاف أن تحدي هذا العام 2020 شعاره " تحديات جديدة مقبلة ... تحقيق فرص جديدة" حول موضوع هام جداً وله بعد ثقافي وتاريخي كبير خاصة لمصر وهو البحث والتعرف على الآثار والمدن الغارقة تحت الماء حيث سيدور تحدي هذا العام بمسابقاته الأربعة والتي من خلالها سوف يتم البحث والتعرف على الآثار الغارقة في مدينة غاليريوس الغارقة "الإسكندرية الأن" منذ القرن الثامن قبل الميلاد.
وأوضح أن كل تحد يوفر معالجة لمشكلة مختلفة من المشكلات التي تواجهها المحيطات والبحار في هذه الأيام من تلوث والتي تعتبر من المشكلات الخطيرة في مختلف محيطات وبحار العالم، مما يؤثر في نوعية المياه فيها، وجودة الحياة البحرية والثروة الحيوانية البحرية. ومن الجدير بالذكر أن تلوث المحيط له أشكالًا عديدة ومتنوعة، تتعدد باختلاف الأنشطة التي يمارسها الإنسان، ومهما كان نوع التلوث هذا يجب الوقوف عند هذه المشكلة ومحاولة إيجاد حلول جذرية لها للحد منها، وهو ما يقوم به كل تحدي باستخدام الروبوتات تحت الماء التي تستطيع أن تقدم حلول يصعب على الإنسان تنفيذها وحده.
وأشار إلى أنه قبل تأسيس مدينة الإسكندرية عرفت كميناء لدخول مصر لجميع السفن القادمة من العالم اليوناني، وخضعت لكوارث طبيعية متنوعة، انتهت بغرقها بالكامل في أعماق البحر الأبيض المتوسط، وبذل علماء الآثار الغواصون تحت الماء جهودًا كبيرة لاكتشاف هذه المدينة المفقودة باستخدام الكثير من التكنولوجيا مثل نظام تحديد المواقع الصوتي، ونظام تحديد المواقع العالمي التفاضلي (DGPS)، ومقياس المغناطيسية (NMR)، والغواصات الآلية، تم استخراج حفريات يظهر فيها جمال المدينة ومجدها، وروعة معابدها الضخمة المتقنة معماريًا والتي تغطي جدرانها نقوش مميزة بالإضافة إلى وفرة الأدلة التاريخية من التماثيل الضخمة والمجوهرات والعملات المعدنية، والرموز الشعائرية لطقوسهم، فهي حضارة مجمدة من زمن تحت الماء.
تجدر الإشارة إلى أن اليومين الأول والثاني من المسابقة شهدا تقديم عروض للروبوتات وهي تقوم ببعض التحديات وفقًا للمهام المحددة، وستقوم الفرق بعرض فكرتها وخصائص الغواصات الخاصة بها أمام لجنة التحكيم ليتم اختيار الفائزين من بينهم.
سكاي نيوز تحدثت مع عدد من المتسابقين المشاركين في تحديات الروبات البحرية.
يقول يوسف حسام عضو أحد الفرق المشاركة في تحدي الغواصات الآلية ROV" : إن هذا التحدي يختص بحفر المعبد واستكشاف المعالم الأثرية وأخذ عينات منها ووضع علامات لتميزها، ويهدف التحدي إلى تدريس المهارات ليتم تطبيقها بشكل إبداعي لحل مشاكل المحيطات مما يؤدي إلى تعزيز تفكيرهم الانتقادي وتعاونهم، وتعزيز روح المبادرة، حيث يتم تطوير أفكارهم في العلوم البحرية من خلال بناء مركبات تحت الماء يتم تشغيلها عن بعد، والتي تعمل على اكتشاف كل ما هو جديد في المحيطات، ويستهدف التحدي الطلاب والخريجين دون قيود على العمر أو المستوى الفني، وسوف يكون عام 2020 العام الأول من المنافسة، وسوف يصبح حدثًا سنويًا يأتي كل عام مع تحديات جديدة.
أما تحدي الغواصات ذاتية القيادة AUV" فيقول عبد العزيز يسري إن مهمته تحديد مساحة المعبد وتحديد بوابة الدخول وإيجاد الذهب والتحف الآثرية، فهو تحد بين الروبوتات تحت الماء هدفها الأساسي الوصول لأهداف محددة في المحيطات.
وتهدف المسابقة إلى دفع المتقدمين نحو أحدث التكنولوجيات وتطوير مهاراتهم في تصنيع الروبوتات تحت الماء من خلال تطبيقها في مهام لتوفير حلول حديثة للمجال البحري باستخدام مركبات تحت الماء ذاتية التحكم مع مراعاة المفاهيم العلمية والهندسية، تأتي المنافسة في عامها الأول، والتي ستتحول إلى حدث سنوي مع مواجهة تحد جديد كل عام.
يتسع نطاق المخاوف التي تواجه محيطاتنا كل يوم، وبسبب ضخامة المحيطات وعدم إمكانية الوصول إليها كانت حتى وقت قريب محدودة من الدراسات العلمية، ولكن الذكاء الاصطناعي من الممكن أن يساعد في تغيير هذا الأمر، وتشجيع اكتشاف أسرار المحيطات والمشاكل التي تواجهها وإيجاد حلول لها باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، بجانب تحديد نقاط التلوث الزائد وتسهيل توفير إنذار مبكر بالكوارث الطبيعية، وهذا هو ما يوفره "هاكاثون تحدي الذكاء الاصطناعي للتطبيقات المائية AIU Challenge" لعام 2020، الذي سيكون قائمًا على اكتشاف المحيط ويهدف إلى حل مشاكل بحرية محددة يعاني منها العالم الحقيقي تحت الماء وتقديم نموذج أولي حقيقي لحل هذه المشكلات، وفقا لما قاله عبد العزيز يسري أحد المشاركين في التحدي.
وتعمل المياه العالمية كمصدر حيوي لكل البشر، وصحة وسلامة هذا الممر المائي مهددة من النفايات التي تتراوح من بقع القمامة العائمة إلى المتفجرات المغمورة الخطيرة، ومهمة "تحدي SeaPerch" لعام 2020 مستوحاة من ظروف الحياة الواقعية حيث يمكن للغواصات الآلية مساعدتنا في جهود التنظيف، توجه مهمة للفرق بتنظيف ممر مائي ملوث، حيث يتعين عليهم العمل على تعطيل الألغام فيه، وإزالة النفايات العائمة على سطح المياه، والتخلص من النفايات المغمورة في مخازن تحت الماء، سيتعلم الطلاب خلال التحدي المفاهيم الهندسية وحل المشكلات ومهارات التصميم والعمل الجماعي، كما سيتأهلون لكل المهن الممكنة في الهندسة البحرية، وفق ما قالته لينا ناصر إحدى المتنافسات بالمسابقة.
ويطرح الحدث التحديات الإقليمية الجديدة التي تواجه الروبوتات تحت الماء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال ندوات عبر الإنترنت لطلاب المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية وطلاب الجامعة والخريجين، بالإضافة إلى خريجي المدارس الثانوية.
ومنذ عام 2012 وحتى الآن، تم تنفيذ العديد من المسابقات المحلية والدولية ومن أشهرها مسابقة Arab ROV والتي بدأت من مصر كمسابقة محلية وبدأت تنتشر في جميع أنحاء العالم العربي حيث بلغ عدد المشاركين ما يقرب من 3000 مشارك حتى عام 2019 حيث شارك المتسابقون من 9 دول عربية، 20 جامعة مختلفة، 14 مدرسة، و10 مراكز تدريب بإجمالي 545 روبوت مائي تم بنائه، وتتنوع التطبيقات والمجالات التي تحتاج لهذا النوع من التكنولوجيا في المنطقة العربية والشرق الأوسط منها على سبيل المثال لا الحصر مراقبة ومتابعة تلوث المياه والبحار أعمال كابلات الإتصالات والوصلات والأنابيب البحرية أعمال البحث والتنقيب عن البترول والغاز التنقيب عن الآثار والسفن الغارقة وعمليات الإنقاذ والتأمين وكذلك الترفيه والسياحة البحرية ومتابعة الثروة السمكية والشعاب المرجانية.
وقال الدكتور رامي أحمد فتحي رئيس الإدارة التنفيذية لتخطيط الثورة الصناعية الرابعة بالجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بأن الجهاز يعكف خلال الفترة الاخيرة على دراسة وتنفيذ مجموعة من البرامج التي تهدف إلى رفع كفاءة البنية الأساسية والخدمات من خلال إجراء البحوث العلمية المتطورة والاعتماد على التكنولوجيا الرقمية الحديثة والتطبيقات الذكية وذلك لعدد من القطاعات الحيوية بالدولة، ومنها البنية الأساسية للاتصالات البحرية متمثلة في الكابلات الدولية البحرية والتي تمر من خلال المياه الاقليمية المصرية بالإضافة إلى الخدمات التي يمكن أن تقدمها تلك الروبوتات في مجال تنشيط السياحة البحرية والآثار الغارقة.